Sunday, September 6, 2009

أن تكونَ طبيباً 1

الحياة طويلة ، أطول مما كنتُ أخال..

لم يكن ثمَّة شيءٌ قادر على جعلي أتراجع عن حلمي الذي عشته ، أن أكون طبيبة ، أن أكون " أنا الأخرى التي تنتظرني تحت شجرة صفصافٍ جبليَّة " ، كان حلماً لطيفاً مداعباً ، لامس الواقع بحلاوة لا تقل عنه ، ولكن أن تكون في الواقع ، وأن ترى الحقيقة عاريةً كما هي ، ذلك الذي لم يكن في حسبان عقل طفلةٍ طريقه للنضوج طويل طويلٌ للغاية ..
نذرتُ سنيني الأولى والأخيرة لهذه التكوينة الالاهية المبدعة المسماة مجازا " انسان" .. وانطلاقاً من ايماني العميق بأن لكل منا حقه أن يعيش هذه الحياة ، وأن هنالك من تعنيهم جدّاً حياتُكَ ، من تربطهم بكَ علاقة أقوى من علاقتك أنت بذاتك ، انطلاقاً من ذلك كلّه ظننت أن السنين القادمة ستكون أخف وطأة عليّ ، قوية بما فيه الكفاية لكي أكون ..
ولكن وفجأة ومن دون سابق انذار تُحالُ كل تلك التطلعات الى مجرد قدرة بسيطة على تحمّل حمل مبضع صغير وشق هذه التكوينة ، تلك التي نذرت عمري لأجلها تغدو أمامي لا حول لها ولا قوة ، أسلمت الروحَ ، وسلّمت لنا أمانتها ، بجلدها وعظمها، بطراوتها وخشونتها ، مفاهيمها الخاصة حتى باتت لا تعني لأحد شيئاً ، ذلك القلب
الغض الذي حلم وعاش وعشق حتى الثمالة ، هو كذلك لا يغدو كونه محض كتلة هلامية لا تحكي أكثر من ماديّة نحسها بالأيدي ، أن تتجاوز بريق العيون ، أن لا تحكي لها شيئاً ،فقط تستمع لدقات قلبكَ وكأنَّك الوحيد على قيد الحياة في الأرجاء ، أن تنسى كل هذا وذاك ، كيف لنا أن ننسى كل هذا وذاك ؟ .. ؟ أتحشون عقولنا الصغيرة طيلة هذه السنين بخرافة الانسان وبعقلية الانسان ، ومن ثم لا نجده الا كتلة هامدة لدرس تشريح ماضٍ، ما الرابط بين تلك الكرة الهشة المسماة مخّاً .. وتلك النظريات والحياة المختلفة التي رسمها من حملوه سنيناً ..لماذا نجرّد كل شيءٍ من كل شيءٍ ؟ ..لماذا نقوم بذلك كله وننسى نظريات نيوتن التي أخذناها لتونا في محاضرة الفيزياء ، لماذا نخصص لكل شيئاً وقتاً ، ونحجز في عقلنا مطارح له له وحده .. لا مجال للدمج ، وعليك أن تعيش استثنائية كل حدثٍ على حدة !

3 comments:

Anonymous said...

كم جميل أن تتحقق تلك الأحلام التي قضينا عمرنا نسعى لتكون ، و لكني أكتشفت أن الحياة تستحق أحلاماً جديدة لتستمر ...
ما زلت تبدعين يا صديقة ... كل مافي الأمر أنه انتصرت لغة المبضع عما عداها

رحمة حجة said...

فكرة عمياء حقاً... و أراك هنا تحلقين أكثر في سماء التعبير

اشتقت كلماتك.. أعود إليها الآن مع أمنية أن لا أكون تأخرت،، لكني وجدتك أجمل

محبتي

Anonymous said...

ان تكون طبيبا.. قد يعني بانك ستحتاج الى من ياد بيديك من العيش خارجك الى ان تعود يوما اليك... م ا ق