Friday, August 7, 2009

الدكّان


تلك الطفلة الصغيرة في عامها الثاني المدرسيّ ، تحدّث صديقاتها عن تلك الدكّان التي فتحت مؤخراً
- حتى فيها هذاك الشبس اللي بنشتريه من نابلس !


تتسع عيون الطفلات الأخريات على هذه الحقيقة ، ويركضن أمامها حتى قبل أن تدلهما عن مكانها .. كن يعرفن بقريحتهن " السبسطاويّة " أن الموقع لن يكون الا في وسط البلد ، في منطفة ما بجانب المسجد القديم ، حيث تتسع ذراعا القرية لتحتضن كلّ قادم ، كان يوماً مدرسيَّاً طويلاً ..وكنَّ جميعاً بحاجة لاكتشافٍ جديدٍ ، يمضين يومهن كله في نقاش من هي الأولى التي اكتشفت هذا المكان ، ليس هنالك من هو مستعد أن يتنازل عن هذا الشرف .. ويطول النقاش ..
عندما وصلن كان الدكان مكتظاً بالأطفال كل في زاويته التي يحب ، باستطاعة تلك المساحة الصغيرة في ذلك الوقت أن تجمعهم جميعاً دون أن يحس أولئك الأطفال بما يحسُّه الكبار ، بأن الدكان عاديٌّ وأنه ليس بذلك الاتساع الذي كنا نخاله حينها ...في حين وقف هو بجثته الضخمة جانباً يعدُّ القطع المعدنية التي لا تزال تحمل عبق تلك الأنامل الصغيرة .. كان سعيداً بترويجه للبضائع ..لمجرد ذكره لكلمة " زاكي" ..كان الدكّان يكتظ أكثر وأكثر.

في ذلك اليوم اشتريت بــ 2 شيكل كاملين ..وكان مبلغاً ضخماً لاستيعاب عقل طفلةٍ صغيرة تكره أستاذ الرياضيات ، وأبقيت شيئاً ما لأخي الذي يصغرني عاميْن ، وكان وقتها في روضة أيضاً وسط البلدة، ولكن كنت فرحة أكثر بكوني أنا من حدثته عن ذلك لا هو كالعادة ..
مضينا ومضت الأعوام ثقالاً علينا ، حتى بتنا نحن الفتيات لا نمرّ من منطقة وسط البلد الا مارّات فحسب على أحلامٍ أمضتها السنون كذلك ، البارحة فقط كنت مارّة من ذلك المكان .. نسيت لهنيهة ذلك العداد الذي نحمله على ظهورنا ..الذي لا يتوقف الا حين نتوقف ! ..نظرت الى الدكّان ، لأكتشف كم هو لا يزال كبيراً ، لم يصغرْ كما كنت أخال ، بل بقي كما هو باتساعه الزمرديّ ..وقعت عيناي على جدّي الذي يجلس كالعادة بجانب الدكّان منتظراً أخي الصغير كي يكمل شراء ما يودُّه ويعودا أدراجهما الى البيت ، وكان ذلك الرجل في مكانه الذي انتصبه ذلك اليوم ، وكأن شيئاً لم يتغيَّر ..أبتسمُ لجدّي وأكمل المسير ..

الجمعة 7/8/2009:
لم أستطعْ أن أبعث أخي لشراء بعض التسالي ..لسبب بسيط جدّاً أن الدكّان مقفل اليوم ..لا لموعد الصلاة فحسب ،بل شأنه شأن سائر دكاكين وسط البلد، فهنالك بائع دكّان سيوارى الثرى ..

5 comments:

Anonymous said...

لن أخشى شيئاً اليوم ... هل لي بكيس تشيبس لحنظلة ابن العاشرة ؟
ربما علكة لأخته الصغيرة لتصنع منها بالوناً بفمها فتنفقع ، و تعلق بشعرها و تضطر أمها لقصه ... أهلاً بعودتك !

Anonymous said...

لا استطيع قول شيء ولكن ستبقى هذه الدكان ملتصقة في ذاكرتنا جميعا وكما نعلم هذه هي الحياة تدور كدولاب وعندما يتلف هذا الدولاب ينتهي عمله وهكذا الانسان يأتي يوم وينتهي ..............................




رحمه الله








the truthe

MaYoOsH said...

أحسدك

فليس عندي ذاكرة .. ربما لأنني لم أعش في بلدي يوما
فلا شيء هنا يستحق الذكر
!

رحمة حجة said...

أتعلمين....

بدأت قراءة نصك بضحكة عالية

و انتهى حسي فيه بقشعريرة

و الان و أنا أخط أثري،، أتذكر جارنا صاحب الدكانة الذي وافته المنية العام الماضي،، و أتذكر حقل طفولتنا

محبتي دوما
لرقي روحك

محمّد توك said...

مع قرائتي لتدوينتك احسست بانقباضات في امعائي هذه المرة.. لا اعلم لماذا يتغير رد الفعل كلما تذكرت "الذكريات"..
----
أسلوبك في الكتابة "راقي"
تحياتي