Sunday, August 30, 2009

طقة حنك


التاريخ أبداً لا يخطئ ،ولم يشرْ يوماً لنتائج لم نمرّْ بها تباعاً ، الشعوب الفقيرة ،المضهدة،والتي رزحت تحت شتى أصناف التعذيب والانسحاق ،كانت رغم ذلك كلّه تنهض ، تثور ، كزفير منطقي من الحنق والغضب والكراهية ، بعد استنشاقها طويلاً لما شاءت وما لمْ تشأْ ، ولكن أن يشيرَ هذا التاريخ الى شعبٍ مالٍّ ضجرٍ قد غيَّرَ شيئاً ، فهذا ما لم يحصلْ ولن يحصلَ كذلك كحادثة فريدة حتى ..!
الضجر ،حالة فرديّة نعايشها كل لحظة ، أن تكونَ ضجراً هذا لا يعني ذلك الشيء الذي يستحق أن يُحكَى عنه ، ولكن أن يتسع ليغدو وباءاً متفشياً بيننا ، هنا تختلف لهجة الحديث ، ويغير من يود من وضعية جلسته ، أو يمدَّ رجلاه ليغط في سبات أطول من سابقه ..!
أن تتصادم مفردات" الهدف والوسيلة " ، وتختلطا ببعضها البعض ، يوّلد حالة أشبه ما تكون بالسير على " ووكر" في نادٍ رياضيٍّ ، ندركُ بأنا يتحتم علينا الوصول للقمة ، ولكن كون الطريق مستوية ، فهذا ما لا يسعفه ادراكنا أبداً .
الحديث أعلاه كان مجرّد اختبار لقدراتكم على طرد شبح الملل من خطابات المصلحين الذين هم أكثر ضجراً من غيرهم ، حتى مما يقولون !

أن تظن بأن انساناً ما قد يكون في جعبته شيء ما مغايرا، لسبب واحد فقط بأن حنظلة يتدلى من جيبه ، سرعان ما تكتشف بأنه مجرد علَاقة مفاتيح ، شماعة لما ندري وما لا ، أخطأنا فذلك نتيجة أنا لا نلتفت وراءنا ، اصطدمنا بالمخلوقات الصغيرة ، فهذا أيضاً لأنا لا ننظر أسفلنا ، تقصفنا الطائرات ، فقط لأن رقابنا متشنجة ولا نستطيع تحريكها أعلى..
* السبب اذن أنا أصبحنا شعب علاقات مفاتيح ، على اعتبار أن الشعارات حتى لم تجدْ من يرددها ، فكيف اذ ذاك من يسمعها !

- مو شرط ..لأنه يمكن نعيش مع ناس سنين طويلة وما يعرفوا وجهة نظرنا تجاه أسخف القضايا ..
- طبيعي !
الغريب في الموضوع ..أنا لسنا فحسب مللنا من تكرار كل شيء ، ولم نعدْ كذلك نودُ خوض غمارات خاضها قبلنا وفشلوا..الأمر والأدهى بأن صيغة الخطاب التي نتكلم فيها عادةً لا تتغير ..هي ذاتها التي نتكلم فيها سواء بقينا نخوض أم لا ، هي ذاتها بتضاريسها الوعرة ، والتي غالبا ما نعزي صعوبة تنقل الناس فيها الى ضحالتهم وقلة حيلتهم ، في حين هم أنفسهم بحاجة لأن يعيشوا ما عشناه ، لمَ لا .. والأفق يشير الى منهجية أفضل قد تثمر شيئاً ، قد يكون هذا الادراك نابع من كون معرفتي الشديدة بأنه ليست ثمة هنالك من هو غبي بالفطرة ..وانما هنالك ما يقال له انعدام التخاطب بين الطبقات .. فالأشخاص الذين يفضلون الحديث عن مصطلحات " القضية ، الوطن ، الأرض " هم كيان منفصل لما يدعون اليه ، ويرون بأن البقية قد تخلوا ، آخرون ممن لا يعيرون بالاً لما يمكن أن تحمله الكلمات ،يعيشون تفاصيلهم بعفوية ، ويحسون بتعقيد الصنف الأول وتضخيمهم لكل شيء ، وماذا يمكن للمرء أن يتمنى أفضل من أكلة هنية وشربة مريّة ، وأصبح الأمر شيئاً طبيعياً من معطيات الحياة التلا لا اعتراض عليها !الفرق الذي يستحق أن يذكر بين كلا الصنفين ، هو أن الأول الذي يتبجح في كتاباته يطق حنك ويكتب ما يطقه ، في حين أن الصنف الثاني يطق فحسب!
* السبب اذن أنا أصبحنا كعلبة ماء تطفو فوقها نقاط الزيت !

- أصلاً احنا لو كنا محترمين حالنا ..أجدعها جندي على حاجز بيقدرش يفتح تمه قدامنا!
- .............................................!
فلنفترض جدلاً ، بأن ما يقال صحيح ، وأن الحل هو أن" نحترم حالنا " ، أكان حالنا سيصبحُ أفضل ، وكأنهم أتوا من أقاصي الأرض فقط ليعلمونا كيف نحترم أنفسنا ، ولنقل أيضاً بأن حالنا أصبح أفضل ..من نحن ؟ !

Monday, August 10, 2009

مئة عام من العزلة


المؤلف :جابرييل جارسيا ماركيز
ترجمة :د.محمد الحاج خليل
الناشر:المؤسسة العربية للدراسات والنشر
لمحة:
قيل الكثير الكثير عن هذه الرواية ، حتى باتت أي كلمات يمكن أن تدلى في حقها لا تحيط عوالم هذه الرواية تلك الاحاطة التامة والكاملة ، قد يكون التأثير الذي يمكن أن تؤثره رواية مثلها محض كلام في رأي البعض ، ولكن وبعد أن تكون هذه الرواية رفيقة دربك لفترة لا تعدو قراءتها فحسب وانما قراءتها والامعان فيها أشد الامعان ، وقتها فقط ومستقبلاً سنبدأ باستشعار بواطن التأثير فينا ، فكرة القرارات وليدة اللحظة تلك التي لا تخرج الا عن عقول عاشت طويلاً ، الصمت الحاكي الذي يظل يلف الأرجاء حتى تحين اللحظة ، أن تعيش فقط لكي ترى الدولاب يدور ، ولكي تكتشف فعلاً بأن هذا دولاب .. ولكن الفرق الوحيد هو أن هذا الدولاب يكبر ويكبر ، أن توقن بأن بقاءكَ في مكانك خيار صائب ، ولكن بعد أن تكتشف المحيطات حولك ، تتنسلخ من مكانك ، ومن ثم ما تبرح أن تعود..أن تكون متأثراً ومن ثم مؤثراً ليس بالشيء السهل أبداً .
اقتباس :
" لما جاء المندوبون المحافظون كي يدلوا بمقترحاتهم حول الحرب لشخص هو من قادة الأحرار "
كانوا يطلبون اولا اعادة النظر في صكوك الملكية لكي يحصلوا على تاييد الملاك الاحرار ، ويطلبون ثانيا ، التخلي عن الكفاح المسلح ضد رجال الدين ،علهم يحصلون على تاييد الجماهير الكاثوليكية ، ويريدون اخيرا ، الحفاظ على سلامة الاسرة ، والتراجع عن القول بالمساواة بين الاولاد الطبيعيين والاولاد الشرعيين .
وكان تعليق العقيد اوريليانو بوينديا ، بعد ان انتهت قراءة المقترحات ، ان ابتسم وقال :
- هذا يعني اننا لا نقاتل الا من اجل السلطة ؟!
فاجاب احد المبعوثين:
- هذه تغييرات تكتيكية واصلاحات مرحلية ، فالهدف الرئيس حاليا هو توسيع القاعدة الشعبية للحرب ، وبعدها ستكون لنا نظرة ومراجعة اخرى .
فسارع احد مستشاري العقيد السياسيين ليقول:
-هذا تناقض ، فاذا كانت هذه تغييرات جيدة ، فذلك يعني ان النظام المحافظ جيد ،واذا كنا بفضلها سنتوصل لتوسيع القاعدة الشعبية للحرب ، فكانكم تقولون ما يعني ان النظام المحافظ يستند الى قاعدة شعبية واسعة ، وكل هذا ، بالتالي ، لا يعني الا اننا قد كافحنا وقاتلنا طوال عشرين عاما تقريبا ضد عواطف الامة .
واراد ان يكمل ، ولكن العقيد اوقف حديثه باشارة منه ، وقال :
-لا تضيع وقتك يا دكتور ، فالمهم اننا ، منذ هذه اللحظة لن نقاتل الا من اجل السلطة .

Sunday, August 9, 2009

وكدتُ أنسى


محمود درويش
13 مارس 1941-9 اغسطس 2008

Saturday, August 8, 2009

محاضرات في التحليل النفسيّ

المؤلف: سيجموند فرويد
ترجمة :جورج طرابيشي
الناشر :دار الطليعة -بيروت

لمحة:
كتاب يضم سبعة محاضرات في التحليل النفسيّ تخيل خالق التحليل النفسي "فرويد" ، انه قد ألقاها على جمهور من الطلبة وهي :
*مراجعة نظرية الأحلام
*الحلم وعلم الغيب
*الهيئات المختلفة للشخصية النفسية
*الحصر
*الانوثة
*ايضاحات ،تطبيقات ،توجيهات
*حول تصور الكون
استكمالا لسلسلة من المحاضرات كان قد ألقاها سابقا ، وهنا يعمّق ما كان قد كتبه في السابق ، الآلية التي اتبعتها في القراءة ،هي اختيار المحاضرات التي تناسب المرحلة الزمنية الآنية ، ومن ثم استكمال الباقي فيما بعد .

Friday, August 7, 2009

الدكّان


تلك الطفلة الصغيرة في عامها الثاني المدرسيّ ، تحدّث صديقاتها عن تلك الدكّان التي فتحت مؤخراً
- حتى فيها هذاك الشبس اللي بنشتريه من نابلس !


تتسع عيون الطفلات الأخريات على هذه الحقيقة ، ويركضن أمامها حتى قبل أن تدلهما عن مكانها .. كن يعرفن بقريحتهن " السبسطاويّة " أن الموقع لن يكون الا في وسط البلد ، في منطفة ما بجانب المسجد القديم ، حيث تتسع ذراعا القرية لتحتضن كلّ قادم ، كان يوماً مدرسيَّاً طويلاً ..وكنَّ جميعاً بحاجة لاكتشافٍ جديدٍ ، يمضين يومهن كله في نقاش من هي الأولى التي اكتشفت هذا المكان ، ليس هنالك من هو مستعد أن يتنازل عن هذا الشرف .. ويطول النقاش ..
عندما وصلن كان الدكان مكتظاً بالأطفال كل في زاويته التي يحب ، باستطاعة تلك المساحة الصغيرة في ذلك الوقت أن تجمعهم جميعاً دون أن يحس أولئك الأطفال بما يحسُّه الكبار ، بأن الدكان عاديٌّ وأنه ليس بذلك الاتساع الذي كنا نخاله حينها ...في حين وقف هو بجثته الضخمة جانباً يعدُّ القطع المعدنية التي لا تزال تحمل عبق تلك الأنامل الصغيرة .. كان سعيداً بترويجه للبضائع ..لمجرد ذكره لكلمة " زاكي" ..كان الدكّان يكتظ أكثر وأكثر.

في ذلك اليوم اشتريت بــ 2 شيكل كاملين ..وكان مبلغاً ضخماً لاستيعاب عقل طفلةٍ صغيرة تكره أستاذ الرياضيات ، وأبقيت شيئاً ما لأخي الذي يصغرني عاميْن ، وكان وقتها في روضة أيضاً وسط البلدة، ولكن كنت فرحة أكثر بكوني أنا من حدثته عن ذلك لا هو كالعادة ..
مضينا ومضت الأعوام ثقالاً علينا ، حتى بتنا نحن الفتيات لا نمرّ من منطقة وسط البلد الا مارّات فحسب على أحلامٍ أمضتها السنون كذلك ، البارحة فقط كنت مارّة من ذلك المكان .. نسيت لهنيهة ذلك العداد الذي نحمله على ظهورنا ..الذي لا يتوقف الا حين نتوقف ! ..نظرت الى الدكّان ، لأكتشف كم هو لا يزال كبيراً ، لم يصغرْ كما كنت أخال ، بل بقي كما هو باتساعه الزمرديّ ..وقعت عيناي على جدّي الذي يجلس كالعادة بجانب الدكّان منتظراً أخي الصغير كي يكمل شراء ما يودُّه ويعودا أدراجهما الى البيت ، وكان ذلك الرجل في مكانه الذي انتصبه ذلك اليوم ، وكأن شيئاً لم يتغيَّر ..أبتسمُ لجدّي وأكمل المسير ..

الجمعة 7/8/2009:
لم أستطعْ أن أبعث أخي لشراء بعض التسالي ..لسبب بسيط جدّاً أن الدكّان مقفل اليوم ..لا لموعد الصلاة فحسب ،بل شأنه شأن سائر دكاكين وسط البلد، فهنالك بائع دكّان سيوارى الثرى ..

Monday, August 3, 2009

القلم والسَّيف

ترجمة : توفيق الأسدي .
الناشر : دار كنعان للدراسات والنشر .
لمحة :
كتاب يضم مجموعة حوارات أجراها ديفيد بارساميان(*) مع المفكر العالمي ادوارد سعيد ، ليس لكونه مفكراً وطنياً يسلّط الضوء على القضية الفلسطينية التي تهمه بكل جوانبها ، وانما من منطلق فكره الحرّ ، الذي تجاوز به بعد المسافات والانتماءات ..
اقتباس:
د.ب: فلنقل انك اي شخص عادي على شاطئ ، وانت على وشك أن تحاصر بموجة مديّة من المعلومات وفقدان المعلومات . كيف تبقى دون بلل ؟ كيف تشق طريقك عبر شبكات خداع وسائل الاعلام ؟
ا.س:هناك مَلَكَتان نمتلكها جميعاً وعلينا استخدامهما في وضع كهذا ، حين يكون هناك هجوم ساحق اعلامي كهذا ، وهناك عادة هجوم كهذا حين تكون قصة واحدة هي محور القضية ..وهاتان هما : أولاً الذاكرة .علينا أن نتذكر ما قالوا في اليوم السابق وهو في العادة العكس بالضبط .والملكة الثانية : هي الشك. الاولى تاتي من المرور بتجربة هذه الامور .اذا تذكرت كمتفرج على التلفزيون ، كشخص امريكي ، فانت قد رايت ((عرفات)) يشتم على انه ارهابي ، وفجاة يبدو كشخص لطيف لمجرد انه يتلفظ بكلمات قليلة . فتعرف انت ان شيئا ما على خطا . لا يمكن ان يحدث هذا بتلك السرعة . وثانيا فان الشك جزء من ملكتك الفكرية والنقدية .يبدو عليك ان تفعل ذلك مع اي بند من بنود الاخبار . وان تحاول ان تسال عما هو اكثر مما يقدم في العشرين دقيقة التي تسمى قانونيا ((ساعة الاخبار ))،اعتقد ان اي شخص يستطيع فعل ذلك ، هناك دائما مصادر للمعلومات البديلة ، هناك الكتب والمكتبات .عليك فقط ان تمارس تلك المهارات وترفض السماح لنفسك بان تصبح مجرد شخص بليد يمتص المعلومات ببساطة ، وقد اصبح مسبق البرمجة . مسبق الادلجة ، لان اي رسالة على التلفزيون ليست مجرد اي شيء ، بل عبارة عن صفقة ايديلوجية تغلغلت عبر نوع من انواع عمليات المعالجة .
***
د.ب : قال ((غرامشي)) وانت معجب به جدا ، قال انه متسشائم من الفكر ومتفائل بالارادة ، هل يضيف ذلك شيئاالى نضالك الشخصي ؟
ا.س : اجل ، يجب ان يرتبطا سببيا ..اقول ان تشاؤم الفكر اولا ثم تفاؤل الارادة مبنيان على تشاؤم الفكر . اي بعبارة اخرى تقول مجرد القول :" الامور سيئة ، ولكن لا يهم ، ساتقدم" ..بل عليك ان تقول ان الامور سيئة ثم تحللها فكريا ................ .
***
ديفيد بارسميان :مؤسس ومدير " الراديو البديل " ..ولد في نيويورك عام 1945 .برامجه تذاع على اكثر من 100 محطة ، وهو مساهم نظامي في " مجلة زد" .ومؤلف :" كاتبو الاختزال الى السلطة - تاريخ متسلسل للمعارضة " ..وكذلك " ابقاء الغوغاء في الصف"..